Literature

الديوانٌ الجديد للشاعرة المغربية أحلام لقليدة، الثالث في مسيرتها، ابصر النور بداية فبراير 2020 بعنوان "هجيرالمعاني"

 

فاطمة سهلي طنجة

 

 صدر ديوانٌ جديد للشاعرة المغربية أحلام لقليدة، بداية فبراير 2020 يحمل عنوان "هجيرالمعاني" وتمت ترجمته الى اللغة الالمانية واللغة الفرنسية

وهي عبارة عن قصائد تحاكي الجراح والمعاناة، تُروى على ألسنة ضحايا الحروب والهاربين من الظلم والكبت وفقدان الحرية، فيما "يحاضر الظالم والمتنّعم عن الفاقة والرغيف الأسود والفقير كيف يتألم''
صاحبة "راعية الذئاب" وقعّت الديوان في باريس بعد طرحه في معرض الدار البيضاء للكتاب
ويمكننا أن نستحضر زمن الكتابة عند الروائية أحلام لقليدة، وبدايتها وهي تخاطب ضميرها الداخلي، كمراجعة مستعملة الطرف الآخر، وتعبر عنه بضمير المتكلم وتخاطب ضميرها (المتخفي في ضمير رجل خلقته حتى تتفادى الاعتراف من الأول، وتشبه نفسها بالغرفة): دخلت الغرفة لأجده غارقا في أحشاء جريدة، يقلبها كمن يبحث عن شيء ضائع ثمين، شيء رغم بساطته لا قيمة توازيه. لم ينتبه لوجودي أو تعمد ألا يعير لوجدي اهتمام... يخفي ضوء النهار ويلبس ظله... بين غياب الجواب لسؤال بماذا يفكر؟... لتسجل ذاكرتي "حي الفرح"... تراه كان فرحا أم عنوانا لمجاز.. نهرب من عالم الحقيقة إلى عالم نركبه بمقاسات أفكارنا، بمدى قدرة مشاعرنا على التحمل، الخوف والمرض والحب والمال... تلزمك الصمت، لتصرخ في وجه الصمت

هو أول فصل عنونته: لا داعي للخوف من صوت الرصاص الكاتبة التجئت إلى زمن الحاضر في تركيب زمن الماضي، وتعمدت نهاية الرواية بنفس زمن حاضرها، مع ملاحظته تغير كلمة الغرفة بالمكتبة، لتشير أن روحها الداخلية أضحت أوراق مذكرات صعبة النسيان  في صباح بارد من شهر ديسمبر، دخلت المكتبة لأراه غارقا يقلب أوراق جريدته الصفراء في صمت، لم يعر لوجودي اي اهتمام، وكأن لا أحد في الغرفة غيره...
الزمن الذي تبنيه الكاتبة هو زمنها الخاص الذي يحاول أن يجعل الأنوثة تنعتق من الأسر الذي وضعت فيه، لذلك فهي تسعى إلى البحث عن البديل. إذ يبدو هذا البديل بحثا عن الفردي أولا، لأن الغاية منه تمجيد الذات الأنثوية في ارتيادها مناطق كانت حكرا عن الرجل (الهجرة -المغامرة- العمل- الاستقلالية- الجنس- السفر..)
إن الكاتبة وهي تسرد الزمن الأنثوي، تسعى إلى دحضه وتغييره، فيبدو هذا الزمن رتيبا مكررا قاسيا. من خلال استعادة الزمن الماضي فهي تبني هذه الاستعادة زمنا آخر. تقدم الساردة تقاليد المغرب بإيجابياتها وسلبيتها (التكافل الاجتماعي من خلال أحمد صديق أخوها عمر الذي يقدم دروس الدعم والتقوية

والجارة السليطة أو التجمع العائلي الذي يسألها كل مرة عن زواجها وعملها والتي تتدخل في حياتها الشخصية بهاته الطريقة الفنية استطاعت أن تبرز عالما خاصا تعيشه المرأة المغربية عامة والبطلة نادية؛ لتتجلى الأنا الأنثوية الكاتبة متجاوزة عصرها، وخاضعة - في نفس الآن- لنمط عاداته من خلال الكثير من الفقرات داخل الرواية، حتى وهي تعيش في بلد المهجر (تراعي ما سيقوله الناس عن أخوها وعائلاتها أثناء القبض عليه.. أو ما سيقوله زوجها جورج وعائلته.. أو من خلال ما تعانيه أختها الصغيرة.. فهناك دائما صراع بين المتخيل والواقع عبرت عنه الروائية بفقرات تفوق الدهشة وتشد الانتباه كثيرا..
الكاتبة أحلام لقليدة جعلت من روايتها : "جامع النص"  ، فصورت كل أنواع العنف الذي يواجه المرأة المغربية العصرية (إرهاب- زواج- طلاق- عطالة- أحلام- سكن- عنوسة- هجرة – عنصرية - أمية- فوارق طبقية- تفكك أسري- استغلال- دعارة - إجرام- نميمة - اعتقال سياسي-...) سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون، وفي الوقت نفسه تعتبر شكلا من أشكال الثورة على المجتمع المغربي، ومسائلة الموروث والقانون والعقل.. وهكذا فإن التمرد والثورة تبقى لصيقة بعنف النص/الرواية، والرسالة تُلفظ بطريقة ضمنية من خلال أنظمة شكلية تولد دلالة التمرد   
إن العنف الذي مارسته رواية أحلام لقليدة، يتجاوز الشكل، باعتباره جامعا للانواع، والمضمون الذي يبدو مأساويا للغاية، إلى عنف لغوي يتمثل في بساطة الكتابة، والحوارات الداخلية "بالعامية المغربية" لتزيد من قتامة التراجيديا والإحساس الحاد بالمأساة

قد اعتمدت الساردة على أسلوب الإثارة والسخرية الضمنية والتي شجعتها في المزيد من الاسترسال مع التخفي الواضح في صورة  بطلة روايتها.. وما تلك السخرية إلا أداة للتغلب على القهر والتخاذل، إذ سمحت للكاتبة بتوليد ثنائية الذات والتأمل، كما شددت على البعد المعرفي الضروري بين الذات وتأملها، وهذا البعد بالذات هو ما ساعدها على إيجاد منطق للناظر والمنظور للكاتبة والمكتوب وللعنف والمتخيل، بحيث تجاوزت الألاعيب البلاغية والتشكيلات اللغوية لتصبح فلسفة وجودية ومحاولة لتسليط الضوء على واقع مغربي تخفيه شعارات كاذبة، وهي نتيجة إحساس وجودي بالواقع

Share Article